×

أخر الأخبار

يوم المتطوع العراقي مر بهدوء

  • 13-02-2022, 15:05
  • 252 مشاهدة
  • سعاد حسن الجوهري

بقلم: سعاد حسن الجوهري
مر علينا كباقي الايام "يوم المتطوع العراقي" والذي غاب - للاسف الشديد - عن اهتمام السواد الاعظم من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام. فلو عدنا الى حديث الرسول الكريم محمد (ص) لوجدنا انه قال :” أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس”. ولوجدنا ايضا ان شعب العراق من بين تلك الشعوب التي طبقت هذا الحديث النبوي الانساني الشريف بحذافيره والمدلولات بهذا الخصوص لاتعد ولاتحصى.  
فعلى المدى القريب لو فصلنا بعض تلك الشواهد لوقفنا على حرص العراقيين على ترسيخ مبدأ العمل التطوعي مثلا في مرحلة الحرب مع الارهاب الداعشي وانهماك الجهود المنظماتية والفردية في ايواء واغاثة ومساندة النازحين في مخيمات اللجوء المنتشرة في عموم البلاد. فالكل يتذكر قوافل الاغاثة التي كانت تنطلق من المدن صوب تلك المخيمات وما واجهتها من صعوبات حتى وصل الحال بها الى تعرض بعضها لعبوات ناسفة او عمليات قنص من الارهابيين دون ان تثني عزيمة ابطالها تلك العقبات لتضرب مثلا في غاية الاهمية والروعة وتنال استحسان المجتمع الدولي.
كما لاتغيب عن الذاكرة ملحمة
ايضا كلنا والعالم معنا يتذكر الملحمة العراقية التطوعية الكبرى في ايصال سلات الغذاء والمعونات العينية والمادية للاسر المتعففة التي جثم عليها كابوس الجائحة الوبائية - كورونا - وعطل مسار حياتها وعرقل سبل كسبها لقمة العيش بعد ان تعطلت الحلول لاسباب معروفة. حينها تناخت عزيمة ابناء هذه الارض لتجد قوافل المساعدات طريقها الى تلك الاسر المعدمة في اقصى المدن والنواحي والقصبات وحتى الاماكن النائية. حينها راينا سيارات الحمل وحتى الدراجات النارية والهوائية فضلا عن المتطوعين الذين قطعوا المسافات الطوال مشيا على الاقدام لمواصلة الزحف صوب من ينتظر لقمة العيش.
لو استعرضنا كل هذه الشواهد لطال بنا المقام لكن هذا لاينفي حقيقة ان شعب العراق يدرك اهمية العمل التطوعي في منح الفرد الشعور برضا الله عز وجل حيث أن الله تعالى أوصى بمساعدة المحتاجين في قوله تعالى: “فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ”. هذا من وجهة نظر دينية. اما من الناحية السايكيولوجية فان علماء النفس اجمعوا على ان العمل التطوعي يساعد في منح الثقة بالنفس وتقوية الشخصية وتقوية العلاقات بين الأفراد الى جانب تعزيز الشعور بالانتماء الوطني ومساعدة الفرد على التعرف على إمكانياته ومهاراته التي قد لم يكن اكتشفها قبل ذلك.
اما على الصعيد المجتمعي فيجمع علماء علم الاجتماع على ان هذا العمل النبيل يمنح للفرد الشعور بأهميته وفعاليته في المجتمع ويساعده في تكوين علاقات جديدة من خلال مشاركته في مجالات متعددة ويحول الطاقات المكبوتة إلى طاقات منتجة وينزع الشعور بالكسل عنه.
ومن الفوائد المكتسبة من هذا العمل الانساني هو مساعدته لأفراد المجتمع على الاستفادة المثلى من أوقات الفراغ وتعليم الفرد تحمل المسئولية والقدرة على اتخاذ القرارات والاعتماد على النفس الى جانب فوائد كثيرة اخرى لاتعد على هذه العجالة.
لكن الغريب هو ان يمر هذا اليوم مرور الكرام دون ان ياخذ استحقاقه المطلوب والمتميز من اهتمام وتركيز واشادة من قبل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ما خلق فراغا نأمل ان يسد في السنوات المقبلة وان يتم تكريم نماذج تفانت في تقديم العمل التطوعي ليكونوا الحافز لدى باقي اقرانهم.