انتشر نوع من الجرائم في العراق، خلال الفترة الأخيرة، وهو تجارة الأعضاء البشرية والإتجار بالبشر نتيجة تراكمات كثيرة، والذي يعد الملف من أكثر الملفات تعقيداً وإشكالية.
وعن دور وزارة الداخلية بشأن هذا الملف أوضح المتحدث باسم الوزارة، اللواء خالد المحنا لوكالة أن "الإتجار بالبشر مشكلة تعاني منها أغلب دول العالم في وقتنا الحالي، لكونها تعدّ من الجرائم العابرة للحدود بنقل شخص من بلد إلى آخر".
وأضاف أن "هناك صعوبة كبيرة تواجه القوات الأمنية، بشأن هذا الملف تتمثل بعدم إبلاغ الأشخاص عن هذه العصابات، لكون الموضوع يتم بسرية بين الضحية والجهات التي تقنعه للإتجار بالبشر"، مشيراً إلى أن "التبرع بالأعضاء البشرية يتم وفق ضوابط وتعليمات وشروط تضعها الدوائر الصحية، إلا أن البعض يحاول من خلال وسائل التزوير الالتفاف على هذه الضوابط والقوانين ،ويقوم بالإتجار بهذه الأعضاء".
وبيّن أن "القوات الأمنية في الفترة الماضية ألقت القبض على العديد من هذه المجاميع، التي تمتهن المتاجرة بالأعضاء البشرية، وقسم منها امتداداتها في إقليم كردستان وبالتعاون مع قوات الأسايش يتم إلقاء القبض على هذه المجاميع".
وفي سياق ذلك، قال مدير قسم مكافحة الإتجار بالبشر والأعضاء البشرية في مديرية مكافحة إجرام بغداد، العميد علي عبد الرزاق شلال إنه "تم تشريع قانون رقم 11 لسنة 2016 خاص بعمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الإتجار بها"، مبيناً أن "هذا القانون يهدف إلى تنظيم عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية لتحقيق مصلحة علاجية للمرضى ،والحصول على الأعضاء البشرية بجسم الإنسان الحي، من خلال تبرع إنسان حي أو من جثث الموتى بالوصية بعد الوفاة، ومنع بيع الأعضاء البشرية والإتجار بها".
وأضاف أن "هذا القانون يتكون من مجموعة مواد ومصطلحات تعريفية تستوجب الإشارة إليها، منها مصطلح التبرع، وهي عملية نقل أو زرع عضو بشري يأتي شخص متبرع بموافقته، أو عن متوف، والمتبرع هو الشخص الحي الذي يتنازل عن عضو من أعضائه من دون مقابل".
وتابع أن "القانون يتضمن عقوبات تبدأ بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وتصل الى السجن المؤبد إذا خالف أحد المواد المنصوص عليها من هذا القانون"، مشيراً إلى أن "القانون أيضاً حدّد السجن لمدة سبع سنوات وتصل الى السجن المؤبد في حال وفاة المتبرع، وغرامة لا تقل عن خمس ملايين دينار عراقي ولا تزيد عن أربعين مليون دينار عراقي لكل من استأصل أو زرع أحد الأعضاء البشرية، خلاف الأحكام القانونية، سواء كان إنساناً حياً أو متوفياً أو زرع أو شارك أو كان وسيطاً أو قام بالإعلان أو التحايل أو الإكراه بقصد زرعه بجسم آخر خلافاً لأحكام القانون".
ولفت إلى أن "وزارة الصحة حددت ضوابط آلية التبرع، بإشراف لجان في وزارة الصحة"، مبيناً أن "لجنة شكلت بوزارة الصحة بقرار من الوزير تسمى اللجنة العليا لتنظيم زرع الأعضاء البشرية، برئاسة وكيل وزارة الصحة، وعضوية عدد من الأطباء بدرجة مدراء عامين منهم مدير عام الأمور الفنية ،ومدير عام الدائرة القانونية ،ومدراء مراكز زرع الكلى في بغداد ،وحتى وزارة الصحة في إقليم كردستان ممثلاً عنها".
وأكد أن "اللجان تتولى إعداد الخطط العملية لتنظيم عمليات زرع الأعضاء على المستشفيات، إضافة إلى أنه توجد لجان طبية في جانبي الكرخ والرصافة ،وهي متواجدة في مستشفى الكرامة بجانب الكرخ، وأخرى في مجمع مدينة الطب بالرصافة ،وهي خاصة بفحص الأنسجة الحيوية بالنسبة للمتقدم المتبرع ،وللمريض في حال وجود حالة يتم التبرع بها بصورة قانونية".
وعن آلية إلقاء القبض على العصابات المتورطة بهذا الملف أوضح العميد شلال: "لدينا مكاتب تسمى مكاتب تحقيقات مكافحة جرائم الإتجار بالبشر والأعضاء البشرية، في بغداد والمحافظات"، منوهاً بأنه "من خلال هذه المكاتب يتم رصد الحالات والممارسات التي تتعلق بالاتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية وملاحقة مرتكبيها والمتورطين بها سواء كانت من خلال عمليات استباقية أو خلال مصادر سرية".
وأكد شلال أن "هناك إجراءات نقوم بها مع المصادر المتعاونة بهذا الخصوص، لجمع المعلومات، وتضييق نشاط السماسرة المرابطين قرب المستشفيات"، لافتاً إلى أن "هناك متابعة جدية أيضاً لمواقع التواصل الاجتماعي الوهمية والمشبوهة التي تروج لممارسات مشبوهة لتسويق الجريمة".
وبين أن "هذه المواقع لا تتضمن أسماء صريحة وتدار عبر أفراد وجماعات تقدم العروض والمغريات"، موضحاً أنه "تم زج عناصرنا والمتعاونين باستخدام الوسائل الفنية للعمل على الكشف عن هذه المواقع الوهمية بعد استحصال موافقات القضاء"،
وأكمل: إن "إجراءاتنا تكللت بالقبض على أعداد من المتورطين وضبطهم بالجرم المشهود، وهم ممن يستغلون حاجة الفقراء والمستضعفين من خلال استدراجهم عن طريق تقديم عروض مغرية أو زائفة لأغراض المتاجرة"، مؤكداً أن "جريمة الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية هي من الجرائم المنظمة العابرة للحدود الدولية، مؤكداً أنه"لن يؤشر لدينا أن هناك ارتباطاً بين المجاميع التي تكون موجودة داخل العراق في دول أخرى".
وأوضح أن "الجريمة داخلية حالياً وباستطاعتنا القول بأننا تمكنا من تحجيمها والسيطرة عليها ، وحدوثها بنسبة 1 بالمئة في بغداد والمحافظات باستثناء إقليم كردستان"، مشيراً إلى أن "المجاميع أخذت تتوسع من خلال مواقع التواصل في بغداد والمحافظات لكنه في الوقت ذاته مسيطر عليها هي الأخرى، على الرغم من أخذ البعض إقليم كردستان مقراً له"، مبيناً أنه في الأيام المقبلة سيكون هناك تنسيق مع الإقليم بشأن هذا الملف".
وبشأن الإجراءات القانونية حول هذا الملف قال الخبير القانوني علي التميمي: إن"قانون منع الإتجار بالبشر أو الأعضاء البشرية رقم ثمانية وعشرون لسنة 2012 عاقب بالسجن لمدة تصل الى 15 سنة وغرامة تصل الى 10 ملايين دينار كل من قام ببيع الأعضاء البشرية"، مشيراً إلى أن "هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير خصوصاً بيع الأشخاص والأعضاء البشرية بسبب الفقر، وهي تحتاج إلى علاج ليس بالعقوبة فقط، وإنما أن تبحث الدولة والحكومة عن الأسباب التي تؤدي بالناس الى بيع اعضائها البشرية".
ولفت إلى أن ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي مراقب من الأجهزة الأمنية، وهذا بحاجة الى تشريع قانون الجرائم الإلكترونية لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي ،لأن هذا يعد جريمة توجب العقاب وفق هذا القانون رقم 28".
وتابع أن "قانون مكافحة الاتجار بالبشر المرقم 28 صدر في عام 2012 وهو مكون من 14 مادة ،وقد جمع مواد متفرقة من قانون العقوبات ومكافحة والمخدرات ورعاية الأحداث"، مشيراً إلى أن "مثل هذه الجرائم طارئة على المجتمع العراقي ،وهي تحتاج إلى التوعية والتعريف عبر وسائل الإعلام كونها مجهولة لدى الكثير".
وأوضح أن "القانون جاء بعقوبات تصل إلى المؤبد في المادة 6 منه وغرامات تصل إلى 25 مليون دينار"، موضحاً أن "تطبيق القانون يحتاج إلى جهود استخبارية مهمة لتداخله مع مواد موجودة في قانون العقوبات كالتسول والخطف والدعارة ،وهنا لا بد من معرفة القصد الجنائي للجريمة من قبل الفاعلين